مَن كان سيُحبّني وأنا مشوّهة؟
كنتُ أخصّائيّة تجميل بارعة، وكانت يشيد زبائني بمهارتي ودفتر مواعيدي كان دائمًا مليئًا. كنتُ على وشك أن أصبح شريكة مالك الصّالون حين تغيّر مسار حياتي. ففي ذات مساء بعدما انتهيتُ مِن عملي وركبتُ سيّارتي متّجهة إلى المنزل، إصطدمت شاحنة بي بقوّة هائلة، وانتشلوني مِن الركام وأخذوني إلى المشفى حيث مكثتُ أسبوعَين في سبات عميق. وعندما استفَقتُ أخيرًا، إكتشفتُ أنّني اُصِبتُ بِكسور عديدة. ولكنّ ذلك لم يكن شيئًا أمام تشوّهات وجهي الذي مزّقه زجاج السيّارة حين انكسر. وقال لي الطبيب إنّ الجراحة لن تعيد لي يومًا جمال ملامحي وإنّني سأبقى مشوّهة طيلة حياتي.
وانهارَت حياتي. فإلى جانب صدمتي الفظيعة عند رؤية صورتي في المرآة، أدركتُ أنّني لن أستطيع متابعة عملي في مجال الجمال. لم أخشَ على حياتي العاطفيّة فكانت معدومة بعد أن وضعتُ كلّ شيء جانبًا مِن أجل أمّي المريضة. كلّ اهتمامي كان تحصيل المال لدفع تكاليف علاجها بعد أن مات أبي. فكنتُ ابنتها الوحيدة ولم يكن لدينا مَن يُساعدنا.
وخضعتُ لجلسات عديدة مع الطبيب النفسيّ الذي ساعدَني على تقبّل ما حَدَث، لكنّه لم يستطع إعادة وجهي القديم لي. وفور رجوعي إلى المنزل، وللتخفيف مِن كآبتي، بدأتُ أفتّش عن اساليب لإخفاء ندوبي بالمكياج، آملة ألاّ أبعث الرعب في قلوب الناس عندما يروني.
وبعد أسابيع طويلة، طلبَ منّي وسام، مالك الصالون، العودة إلى العمل لأنّ زبائني كانوا يطالبون بي بإلحاح. ولكن عند دخولي الصالون، رأيتُ نظرات المالك وزملائي والزبونات. ومِن السّكوت الذي ساد المكان، علِمتُ أنّ الأمور لن تعود كما كانت. ولم أفاجأ عندما طلبَ منّي وسام عدم العودة. وفي طريقي إلى البيت، بكيتُ بحرارة على حياتي التي لن أستطيع استرجاعها مهما فعلتُ.
ولكن كان عليّ إيجاد مورد رزق وبسرعة، فأدوية أمّي لن تنتظر طويلاً. وبسبب تشوّهاتي رأيتُ الأبواب تُقفَل بوجهي. ولم يبقَ لي سوى عمل لا يراني أحد فيه، أي عالم الإتصالات. وقصدتُ شركة مبيعات تبحث عن عاملات هاتف لتسويق موسوعاتها. وعندما رأوني قادمة، صُدموا بمظهري ولكنّهم قبلوا بي بسبب صوتي الدافئ وقدرتي على الإقناع التي اكتسبتُها بفضل ممارستي لمهنة التجميل وتعاملي مع زبوناتي.
[/vc_wq_text]
You must be logged in to post a comment.